رغم بعدي المكاني عن بلدي الحبيبة مصر الغالية فقد تابعت بشغف واهتمام كل الأخبار الواردة منها حاملة رياح الثورة والتغيير ونسيم الحرية الذي طالما حلم بهم شعبنا حيث استطاع الشباب الإتيان بما لم يستطعه الأوائل الذين هرموا ولم يقدموا شيئا ولا أتجنى عليهم لأني من ذلك الجيل الذي انضوى تحت راية أحزاب وقيادات استكانت للسلطة واكتفت بما تقدمه لهم من فتات .
لقد كانت الأسابيع القليلة المنصرمة من أكثر الفترات التي حزنت فيها لبعدي المكاني عن مصر التي لم تفارق وجداني للحظه وكان الإعلام المرئي وسيلتي للتواجد وسط شباب مصر في ميدان التحرير وغيرها من ميادين الحرية والكرامة التي قدم فيها شبابنا أسمى صورة للمصري وأصبحت أعناقنا مرفوعة في عنان السماء بعد عقود من الذل والهوان كانت صورة المصري خارج بلده انعكاسا لما يكابده داخلها .
لقد غدا الريموت كنترول لا يفارق يدي ينقلني من قناة فضائية لأخرى فبعد إن شاهدنا وعشنا لحظات الانتصار بدأنا نرى العجب المتمثل بتغيير مواقف كثير ممن يسمون أنفسهم محللين استراتيجيين أو صحفيين وإعلاميين وغيرهم وأشفقت على الكثير منهم لتغير مواقفهم 180 درجة بعد انتصار ثورة الشباب الشعبية السلمية ووصل الأمر ببعض السياسيين إعلان استقالاتهم من الحزب الحاكم مباشرة على الهواء وأصبحوا من مؤيدي ثورة الشباب .
لقد اثبت كل هؤلاء أنهم تلاميذ نجباء في " مدرسة الحرباء النموذجية المختلطة " والذي يعد كتاب عودة الوعي لتوفيق الحكيم وكتاب الأمير لميكافيلي أهم مقررات منهجهم الذي ذاكروه جيدا وامتحنوا به ولكنهم للأسف سقطوا في الامتحان النهائي من نظر الشعب لأنه هو من صحح أوراقهم .
تسابقت العديد من القنوات الفضائية العربية والأجنبية وانضمت إليها مؤخرا (بعد النصر )القنوات الرسمية المصرية لاستضافة كثير من الشخصيات التي كان لها مواقف مناهضة للنظام السابق بل إن بعضهم كان يتنقل عبر عدة برامج لقنوات مختلفة عدة مرات في اليوم الواحد وفي احد هذه البرامج كان الضيوف يتبارون في تعداد مساوي النظام البائد حسب الوصف الذي أطلقوه عليه ونقلوا لنا بكل تشفي خبر الاستقالات الجماعية من الحزب الوطني لأعضاء كانوا يمثلونه في مجلسي الشعب والشورى .
ما أشبه الليلة بالبارحة فقد أعاد لي هذا الحدث ذكريات تأسيس الحزب الوطني الديمقراطي وكيفية تمت عملية الالتحاق الجماعي به من قبل أعضاء مجلس الشعب حيث انتقلت أكثر من 250 شخصية برلمانية مباشرة من عضوية حزب مصر الذي كان يمثل السلطة إلى الحزب الوطني فور قيام الرئيس السادات بإشهاره وتوليه رئاسته .
رغب الرئيس السادات بان يحدث تغيرات في عهده لم تكن سائدة في عهد سلفه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وبدأها بقراره بتحويل مصر من نظام الحزب الواحد الذي كان يمثله الاتحاد الاشتراكي إلى نظام التعدد الحزبي .
وتنفيذا للرغبة السامية لفخامة الرئيس تكونت ما عرفت حينها بالمنابر (اليمين والوسط واليسار ) وتحولت لاحقا إلى أحزاب سياسية حيث مثل حزب التجمع الوطني الوحدوي اليسار وحزب الأحرار الاشتراكي اليمين ومثل الوسط تنظيم مصر العربي الاشتراكي الذي أنظمت إليه اغلب كوادر الاتحاد الاشتراكي وأصبح بذلك حزب السلطة الحاكمة .
ولأسباب مختلفة لسنا وارديها ألان أسس الرئيس السادات حزب جديد أطلق عليه اسم الحزب الوطني ولتمييزه عن الحزب الوطني الذي أسسه الزعيم مصطفى كامل أضاف إليه كلمة الديمقراطي ليصبح اسمه الرسمي الحزب الوطني الديمقراطي وتزعمه الرئيس السادات بنفسه ليصبح منذ العام 1978 هو الحزب الرسمي للسلطة المصرية أو ما اصطلح على تسميته بالحزب الحاكم الذي جذب إليه كل ألكتله الفاعلة من أعضاء حزب مصر الذي تلاشى بعدها من الحياة والفعل السياسي المصري
إن الالتحاق الجماعي بالحزب وهو على رأس السلطة والخروج الجماعي منه وهو على مشارف الهاوية يؤكد المقولة السائدة بأن الحزب الحاكم يستمد قوته ومكانته من شخصية رئيس الجمهورية ومتى ما ابتعد الرئيس عنه انهار وتلاشى وكل ذلك يوضح بجلاء طبيعة و نوعية المنتسبين للحزب الحاكم ليس في مصر وحدها وإنما في كل دول العرب التي يوجد بها حزب حاكم فهم أول الفئران الهاربة من السفينة متى ما استشعروا غرقها .
فهذه الشخصيات اللبلابية لا يهمها إلا مصالحها الخاصة فهم يقفون بصف من يحققها لهم ويمكنهم من الوصول إلى موارد البلد ويكفل حمايتهم فهم يدعمون النظام ويدعمهم بدوره لأنهم رموزه وقياداته يمدح حين يمدحون ويذم حين يذمون وهم ابدآ لا يذمون إلا إذا غضب النظام عن احدهم وأراد إن يشد أذنه حتى يعود إلى حظيرة الولاء والطاعة لكنه ابدآ لا يتخلى عنهم لذا فقد فهم الكل قواعد اللعبة والتزموا بها .
لقد كذبوا الكذبة وصدقوها فعقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة خرج علينا احمد عز محتكر تجارة الحديد وأمين تنظيم الحزب الوطني وعضو لجنة السياسات ومهندس الانتخابات البرلمانية التي اتسمت بالتزوير والبلطجة بشكل لم تعهده مصر على مدى تاريخها الحافل بكثير من وقائع تزوير إرادة الشعب بكل استعلاء وتبجح معلنا أن حزبه أكثر الأحزاب جماهيرية وشعبية حيث تجاوز عدد أعضائه ثلاثة مليون عضو بخلاف الأنصار والمؤيدين الذي يقدر عددهم بالملايين .
لقد ساهم احمد عز وانتخاباته المزورة بدون قصد منه في دق واحدا من المسامير الأخيرة في نعش نظام الحزب الوطني الذي غادر سدة الحكم غير مأسوف عليه .
لقد أثبتت الثورة الشبابية هشاشة ما يسمى بالحزب الحاكم الذي لم يكن ينظم إليه إلا كل متسلق طامح بمنصب أو تحسين وضع فلم يكن يتمتع بأي قاعدة جماهيرية وتخلى عنه كل من كانوا يحشدون للهتاف له أيام عزه ومجده و ما توجه الجماهير في الأيام الأولى للثورة لإحراق مقراته في جميع المحافظات المصرية إلا دلالة على المقت والكراهية التي يختزنها الشعب لهذا الحزب وما مثله من فساد ودكتاتورية .
ما زلنا في كثير من دول العرب التي تدعي انتهاجها للتعددية الحزبية نرى أمثال احمد عز وسيطرتهم ونفوذهم من خلال الحزب الحاكم على كل مقدرات البلاد فهل تتعظ هذه الأحزاب أم تنتظر أن يصل الدور إليها ويحرق مقراتها .
لقد كانت الأسابيع القليلة المنصرمة من أكثر الفترات التي حزنت فيها لبعدي المكاني عن مصر التي لم تفارق وجداني للحظه وكان الإعلام المرئي وسيلتي للتواجد وسط شباب مصر في ميدان التحرير وغيرها من ميادين الحرية والكرامة التي قدم فيها شبابنا أسمى صورة للمصري وأصبحت أعناقنا مرفوعة في عنان السماء بعد عقود من الذل والهوان كانت صورة المصري خارج بلده انعكاسا لما يكابده داخلها .
لقد غدا الريموت كنترول لا يفارق يدي ينقلني من قناة فضائية لأخرى فبعد إن شاهدنا وعشنا لحظات الانتصار بدأنا نرى العجب المتمثل بتغيير مواقف كثير ممن يسمون أنفسهم محللين استراتيجيين أو صحفيين وإعلاميين وغيرهم وأشفقت على الكثير منهم لتغير مواقفهم 180 درجة بعد انتصار ثورة الشباب الشعبية السلمية ووصل الأمر ببعض السياسيين إعلان استقالاتهم من الحزب الحاكم مباشرة على الهواء وأصبحوا من مؤيدي ثورة الشباب .
لقد اثبت كل هؤلاء أنهم تلاميذ نجباء في " مدرسة الحرباء النموذجية المختلطة " والذي يعد كتاب عودة الوعي لتوفيق الحكيم وكتاب الأمير لميكافيلي أهم مقررات منهجهم الذي ذاكروه جيدا وامتحنوا به ولكنهم للأسف سقطوا في الامتحان النهائي من نظر الشعب لأنه هو من صحح أوراقهم .
تسابقت العديد من القنوات الفضائية العربية والأجنبية وانضمت إليها مؤخرا (بعد النصر )القنوات الرسمية المصرية لاستضافة كثير من الشخصيات التي كان لها مواقف مناهضة للنظام السابق بل إن بعضهم كان يتنقل عبر عدة برامج لقنوات مختلفة عدة مرات في اليوم الواحد وفي احد هذه البرامج كان الضيوف يتبارون في تعداد مساوي النظام البائد حسب الوصف الذي أطلقوه عليه ونقلوا لنا بكل تشفي خبر الاستقالات الجماعية من الحزب الوطني لأعضاء كانوا يمثلونه في مجلسي الشعب والشورى .
ما أشبه الليلة بالبارحة فقد أعاد لي هذا الحدث ذكريات تأسيس الحزب الوطني الديمقراطي وكيفية تمت عملية الالتحاق الجماعي به من قبل أعضاء مجلس الشعب حيث انتقلت أكثر من 250 شخصية برلمانية مباشرة من عضوية حزب مصر الذي كان يمثل السلطة إلى الحزب الوطني فور قيام الرئيس السادات بإشهاره وتوليه رئاسته .
رغب الرئيس السادات بان يحدث تغيرات في عهده لم تكن سائدة في عهد سلفه الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وبدأها بقراره بتحويل مصر من نظام الحزب الواحد الذي كان يمثله الاتحاد الاشتراكي إلى نظام التعدد الحزبي .
وتنفيذا للرغبة السامية لفخامة الرئيس تكونت ما عرفت حينها بالمنابر (اليمين والوسط واليسار ) وتحولت لاحقا إلى أحزاب سياسية حيث مثل حزب التجمع الوطني الوحدوي اليسار وحزب الأحرار الاشتراكي اليمين ومثل الوسط تنظيم مصر العربي الاشتراكي الذي أنظمت إليه اغلب كوادر الاتحاد الاشتراكي وأصبح بذلك حزب السلطة الحاكمة .
ولأسباب مختلفة لسنا وارديها ألان أسس الرئيس السادات حزب جديد أطلق عليه اسم الحزب الوطني ولتمييزه عن الحزب الوطني الذي أسسه الزعيم مصطفى كامل أضاف إليه كلمة الديمقراطي ليصبح اسمه الرسمي الحزب الوطني الديمقراطي وتزعمه الرئيس السادات بنفسه ليصبح منذ العام 1978 هو الحزب الرسمي للسلطة المصرية أو ما اصطلح على تسميته بالحزب الحاكم الذي جذب إليه كل ألكتله الفاعلة من أعضاء حزب مصر الذي تلاشى بعدها من الحياة والفعل السياسي المصري
إن الالتحاق الجماعي بالحزب وهو على رأس السلطة والخروج الجماعي منه وهو على مشارف الهاوية يؤكد المقولة السائدة بأن الحزب الحاكم يستمد قوته ومكانته من شخصية رئيس الجمهورية ومتى ما ابتعد الرئيس عنه انهار وتلاشى وكل ذلك يوضح بجلاء طبيعة و نوعية المنتسبين للحزب الحاكم ليس في مصر وحدها وإنما في كل دول العرب التي يوجد بها حزب حاكم فهم أول الفئران الهاربة من السفينة متى ما استشعروا غرقها .
فهذه الشخصيات اللبلابية لا يهمها إلا مصالحها الخاصة فهم يقفون بصف من يحققها لهم ويمكنهم من الوصول إلى موارد البلد ويكفل حمايتهم فهم يدعمون النظام ويدعمهم بدوره لأنهم رموزه وقياداته يمدح حين يمدحون ويذم حين يذمون وهم ابدآ لا يذمون إلا إذا غضب النظام عن احدهم وأراد إن يشد أذنه حتى يعود إلى حظيرة الولاء والطاعة لكنه ابدآ لا يتخلى عنهم لذا فقد فهم الكل قواعد اللعبة والتزموا بها .
لقد كذبوا الكذبة وصدقوها فعقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة خرج علينا احمد عز محتكر تجارة الحديد وأمين تنظيم الحزب الوطني وعضو لجنة السياسات ومهندس الانتخابات البرلمانية التي اتسمت بالتزوير والبلطجة بشكل لم تعهده مصر على مدى تاريخها الحافل بكثير من وقائع تزوير إرادة الشعب بكل استعلاء وتبجح معلنا أن حزبه أكثر الأحزاب جماهيرية وشعبية حيث تجاوز عدد أعضائه ثلاثة مليون عضو بخلاف الأنصار والمؤيدين الذي يقدر عددهم بالملايين .
لقد ساهم احمد عز وانتخاباته المزورة بدون قصد منه في دق واحدا من المسامير الأخيرة في نعش نظام الحزب الوطني الذي غادر سدة الحكم غير مأسوف عليه .
لقد أثبتت الثورة الشبابية هشاشة ما يسمى بالحزب الحاكم الذي لم يكن ينظم إليه إلا كل متسلق طامح بمنصب أو تحسين وضع فلم يكن يتمتع بأي قاعدة جماهيرية وتخلى عنه كل من كانوا يحشدون للهتاف له أيام عزه ومجده و ما توجه الجماهير في الأيام الأولى للثورة لإحراق مقراته في جميع المحافظات المصرية إلا دلالة على المقت والكراهية التي يختزنها الشعب لهذا الحزب وما مثله من فساد ودكتاتورية .
ما زلنا في كثير من دول العرب التي تدعي انتهاجها للتعددية الحزبية نرى أمثال احمد عز وسيطرتهم ونفوذهم من خلال الحزب الحاكم على كل مقدرات البلاد فهل تتعظ هذه الأحزاب أم تنتظر أن يصل الدور إليها ويحرق مقراتها .

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق